مايكروسوفت ومحاولة الاستحواذ على تيك توك: القصة الكاملة

 





في عام 2020، دخلت شركة مايكروسوفت في مفاوضات لشراء التطبيق الشهير "تيك توك" TikTok، وسط ضغوط سياسية واقتصادية أثرت على التطبيق الصيني في الولايات المتحدة. جاءت هذه الخطوة بعد تهديدات من إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بحظر التطبيق لأسباب تتعلق بالأمن القومي. لكن رغم الاهتمام الكبير من مايكروسوفت، لم تكتمل الصفقة، مما أثار العديد من التساؤلات حول الأسباب والتداعيات.

الخلفية والأسباب وراء الصفقة

في عام 2020، تصاعدت التوترات بين الولايات المتحدة والصين، واعتبرت إدارة ترامب أن تطبيق تيك توك، المملوك لشركة "بايت دانس" ByteDance الصينية، يشكل تهديدًا للأمن القومي بسبب مزاعم تتعلق بجمع بيانات المستخدمين الأمريكيين وإمكانية وصول الحكومة الصينية إليها.

بسبب هذه المخاوف، أصدر الرئيس ترامب أمرًا تنفيذيًا يجبر شركة "بايت دانس" على بيع عملياتها في الولايات المتحدة أو مواجهة الحظر. وهنا ظهرت شركة مايكروسوفت كواحدة من أبرز المهتمين بالاستحواذ على التطبيق.

مايكروسوفت وخطتها للاستحواذ

في أغسطس 2020، أعلنت مايكروسوفت أنها تجري محادثات لشراء عمليات تيك توك في الولايات المتحدة وكندا وأستراليا ونيوزيلندا. كانت الصفقة تهدف إلى منح مايكروسوفت حضورًا قويًا في سوق وسائل التواصل الاجتماعي، وهو المجال الذي لم يكن لديها فيه موطئ قدم قوي مقارنة بشركات مثل فيسبوك وتويتر.

مايكروسوفت أكدت أن أي استحواذ على تيك توك سيضمن أعلى معايير الأمان والخصوصية، مع تخزين بيانات المستخدمين الأمريكيين داخل الولايات المتحدة فقط. هذا كان محاولة لطمأنة الحكومة الأمريكية والمستخدمين.

فشل الصفقة ودخول لاعبين آخرين

رغم تقدم المفاوضات، أعلنت مايكروسوفت في سبتمبر 2020 أنها خرجت من السباق للاستحواذ على تيك توك. وبدلًا من ذلك، فازت شركة "أوراكل" Oracle بشراكة مع "وول مارت" Walmart بصفقة معقدة تضمنت استضافة بيانات المستخدمين الأمريكيين على خوادم أوراكل داخل الولايات المتحدة.

كانت هناك أسباب عدة لفشل صفقة مايكروسوفت، منها:

1. معارضة الحكومة الصينية: الصين لم تكن راضية عن بيع تيك توك لشركة أمريكية، وأصدرت قوانين جديدة تحد من تصدير التكنولوجيا المتعلقة بالذكاء الاصطناعي، مما أثر على سير المفاوضات.

2. تفضيل بايت دانس لشراكة بدلاً من بيع كامل: بدلاً من البيع الكامل، فضّلت بايت دانس اتفاقية تحفظ لها بعض السيطرة على تيك توك، وهو ما لم يكن متوافقًا مع عرض مايكروسوفت.

3. ضغوط سياسية متغيرة: مع تغير الظروف السياسية في الولايات المتحدة، خاصة بعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية وفوز جو بايدن، هدأت الضغوط على تيك توك نسبيًا، مما جعل البيع أقل إلحاحًا.

ماذا لو نجحت الصفقة؟

لو نجحت مايكروسوفت في الاستحواذ على تيك توك، لكانت هذه الصفقة غيرت مسار الشركة، حيث كانت ستمنحها موطئ قدم قويًا في عالم وسائل التواصل الاجتماعي، وتمنحها فرصة لمنافسة فيسبوك وإنستغرام وسناب شات. كما كان من الممكن أن تعزز مكانتها في الذكاء الاصطناعي من خلال خوارزميات تيك توك القوية في تحليل المحتوى.

رغم فشل محاولة مايكروسوفت للاستحواذ على تيك توك، إلا أن هذا الحدث يعكس الصراع التكنولوجي والاقتصادي بين الولايات المتحدة والصين. تيك توك استمر في العمل داخل الولايات المتحدة، بينما مايكروسوفت واصلت التركيز على استثماراتها في مجالات أخرى مثل الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي. هذه القصة تبقى واحدة من أبرز الأمثلة على كيف يمكن للتكنولوجيا والسياسة 

أن تتداخل بشكل كبير في عالم الأعمال.


تعليقات